يوميات " مكلف بالحراسة" في امتحانات البكالوريا {3}



3 –عندما فقدت التوازن أو كدت...
بقلم: محمد بعدي
كنت أقف إذن منتصب القامة، متعجرفا و كأني أنا المسؤول عن سقوط المطر. ألقيت نظرة على ساعة هاتفي الممنوع إحضاره قانونا...و فجأة تغير كل شيء من حولي... رفعت يدها حتى بان إبطها في حركة تدعوني للمجيء. أجبت و أنا أقف في مكاني، في وسط القاعة، لا أتزحزح قيد أنملة، بصوت قوي و مؤدب: نعم، ماذا تريدين؟ توسلت، و هي في مكانها،  في غنج بائن، أن آتي... و أشارت في خفر إشارة تفيد أن المسألة خاصة... تبا، إنها تكاد تهدم خطتي و تزيح قناع تمثيلي... لقد كانت جميلة حقا، بل أستطيع الزعم بناء على مقاييسي الخاصة للجمال بأنها رائعة... ربما يلزم الكثير من القيام و الصيام لترويض النفس على مقاومة نظراتها.. لسوء طالعي فاجأتني باختبار ورعي الذي ادعيته و أنا ألقي تحية الاسلام، و ها هي ذي تحاول، على ما يبدو، الإجهاز على بعض ما تبقى مما أزعم أنه جدية أتدثر بها، عندما تدعوني لأجيء عندها. كان علي أن أحسم في أمرين: أولا في أمر الذهاب إليها، و ثانيا في أن أمانع في أن تخلع عني ثوب الجدية و الطهر الذي اعتقدت أنه يناسب مقاسي. لا أعرف إن كنت أنا من حملت رجلي أم أنهما من حملتاني لطي المسافة الفاصلة بيننا. لأجدني على شفا منحدر خطير أسفل الجيد، أقاوم الغرق في غياهب شعر يأخذ سواد أمواجه إلى أعماق ليس لها قرار... انتبهت متأخرا لهزيمتي الأولى. تبخر المكان الذي رسمته مسرحا أمثل على ركحه دور البطولة، و ها هو ذا الركح ينزاح في اتجاه غير الذي رسمته، و ها هي ذي البطولة تسحب من تحت قدمي أو تكاد.. فهل سأرضى بدور "الكومبارس"؟ تساءلت و أنا أقاوم نسائم عطر أنثوي مخدر يكاد يبطل وضوء ورعي ؟ أتدوخني.. و أنا الذي نادرا ما يدوخه عطر امرأة؟ أيكون العطر هزيمتي التالية؟ و هل سأنهزم بالتقسيط؟
استجمعت بعض ما تبقى من جدية مزعومة، و قلت في حزم مصطنع و أنا آيل للسقوط: ما الأمر؟ لم تجب، بل دفعت إلي ورقة كتبت عليها اسمها و رقم هاتفها... يا إلهي، أية فتاة مفخخة هذه؟ أأقف بجانب تلميذة أم وسط حقل ألغام؟ همت يدها بيدي و هي تعطيني الورقة، و همت يدي بيدها رغبة في استلامها لولا " أن رأيت برهان ربي"... و قبل أن أنبس ببنت شفة، كان صوتها يعزف لحنا جميلا على أوتار مسامعي: عرفت أنك تدرس مادة{...} و أطمع في كرمك لكي تساعدني... وضعت غلظتي جانبا، و طوحت بجديتي و تجهمي بعيدا، و قلت في نعومة و لطف: ركزي الآن على الامتحان، و حال الانتهاء يمكن أن نناقش.. حظ سعيد.. كان اسمها قدس، و بدا لي أن كل شيء فيها يدعو إلى "الاحتلال" و يشجع على " التصهين". و تذكرت قول صديقي بأن بعض الناس يحملون أسماء تطابقهم، و آخرين يحملون أسماء لا تطابقهم إطلاقا، مثل تلك التي اكتشف في لحظة الاتصال البهيمي أن اسمها "إسلام"، مما جعله يجفل و يتوقف النبض في كل عروقه .. منذ تلك الفضيحة كما يسميها وضع لائحة بالأسماء الأنثوية التي اعتبرها بمثابة محارم. كان يعز عليه، كما يدعي، أن ينام خارج الإطار الشرعي مع "إيمان"، أو يمارس الرذيلة مع "إسلام" أو "آية"، أو يقبل فتاة اسمها "أم المؤمنين"... و كان يجد تبريرا ل"جرائمه" مع صوفيا و سوسن و نادين... المهم أنني استعدت توازني، خصوصا بعدما أنقذني جرس الانطلاق، لأهرول في اتجاه المكتب لتوزيع أوراق الامتحان... حكيت القصة، فيما بعد، لزميلي العازب فقال لي " إن الفول يعطيه الله لمن لا أضراس له"، قلت: إنه توت لا يحتاج إلى أضراس... و نصحته كخبير محلف بأن تفادي السقوط في الحبائل النسائية قاعدة ضرورية بالنسبة للمكلف بالحراسة.
{يتبع

مقالات ذات صلة:

يوميات " مكلف بالحراسة" في امتحانات البكالوريا {1}
يوميات " مكلف بالحراسة" في امتحانات البكالوريا {2}

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس